قاعدة
الأقدام المعنى:
المقصود من الأقدام هنا هو الأقدام على الضرر
والضمان بمعنى إختيار الشخص البالغ العاقل، بنفسه الخسارة المالية على نفسه، كأن
يشتري شيئا بأكثر من الثمن المتعارف، ومثلوا له بأن يأمر صاحب المال لشخص عامل
بالقاء ماله في البحر لداع في نفسه، فإذا عمل به لا يكون على العامل ضمان، لأقدام
صاحب المال. وكذلك إختيار الضمان في ضمان الأموال، وضمان الأنفس. المدرك: يمكن
الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي: أدلة مشروعية الضمان: إن مشروعية الضمان من
الضروريات الفقهية، كما قال شيخ الطائفة رحمه الله: الضمان جائز للكتاب والسنة
والأجماع (1). وبما أن الضمان يتحقق بواسطة الأقدام كان أدلة الضمان مدركا إنيا
لأعتبار الأقدام ومشروعيته، وها هو أقوى الدليل على اعتبار القاعدة. وبعبارة
واضحة: إذا نتساءل عن مسؤولية الضامن بالنسبة الى المال، وعن مسؤولية الكفيل
بالنسبة الى النفس، بانه كيف تحقق تلك المسؤولية؟ يقال في الجواب - بلاأية شبهة
ولا ارتياب - بأن المسؤولية
(1) المبسوط: ج 2 ص 322.
هناك
إنما تحققت على اساس إقدام الضامن والكفيل ومبادرتهما بتلك المسؤولية إختيارا. فمن
ضوء هذا البيان تبين لنا بأن للأقدام دور مبدأي في تحقق الضمان والكفالة، وعليه
تكشف صحة الضمان والكفالة ومشروعيتهما، عن صحة الأقدام ومشروعيته كشفا قطعيا. 3 -
الروايات الواردة في أبواب مختلفة: منها موثقة ابن بكير قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن رجل ضمن عن رجل ضمانا ثم صالح على بعض ما صالح عليه، قال: (ليس له
إلا الذي صالح عليه) (1). دلت على أن الضمان يتقرر على البعض الذي تعين بالمصالحة
(إقداما للضمان) وأما البعض الباقي فلا يكون فيه الضمان بعد إقدام مضمون له على
ذلك، (إقداما على الضرر) فيستفاد من هذه الرواية صحة الأقدام على الضمان وعلى
الضرر. وهذا هو معنى القاعدة بتمامه وكماله. 4 - بناء العقلاء: إن الأقدام بمعنى
الألتزام النفساني قائم بين الناس في مختلف الأفعال والأعمال، ولم يرد الردع عنه
من الشرع فيصلح أن يكون مدركا للقاعدة. أضف إلى ذلك أن اختيار الأنسان بالنسبة الى
مختلف التعهدات - الا ما خرج بالدليل الخاص - يقتضي صحة الأقدام الذي هو التعهد.
توضيح: قد يتواجد الأقدام في ضمن المعاملة، فيسمى بالاقدام المعاملي، ويكون نفوذه
عندئد منضما بنفوذ المعاملة كما قال العلامة الاصفهاني رحمه الله: أما قاعدة
الأقدام فحيث أن المفروض هو الأقدام المعاملي البيعي فهو إقدام معاوضي واقتضائه
للضمان مبني على تضمن الأقدام على التمليك بالعوض المسمى - إلى أن قال: - الأقدام
على التعويض بالمسمى نافذ بدليل البيع (2). والتحقيق: أن قاعدة الأقدام - في
الأقدام المعاملي - ليست سببا مستقلا للضمان بل يكون جزء السبب، كما قال سيدنا
الاستاذ دام ظله: أن الأقدام في
(1) الوسائل: ج 13 ص 153 باب
6 من أحكام الضمان ح 1. (2) حاشية المكاسب: ج 1 ص 188.
نفسه
ليس علة تامة للضمان لكي يدور الضمان مدار الأقدام وجودا وعدما، وإنما هو متمم سبب
الضمان الذي هو الاستيلاء على مال الغير بلا تسليط من المالك مجانا (1). وما أفاد
أن الأقدام متمم لسبب الضمان هناك متين جدا. فروع الأول: إذا تعارض الأقدام مع نفي
الضرر مثل أن يبيع أحد بيته بنصف قيمته السوقية فهل يكون نفي الضرر هنا مانعا عن
صحة الأقدام أم لا؟ التحقيق: هو نفوذ الأقدام، وذلك لكونه حاكما على قاعدة نفي
الضرر كما قال سيدنا الاستاذ في الضرر الوارد من جهة إسقاط خيار الغبن: فيكون
الأقدام (قاعدة الأقدام) من المغبون مع علمه إسقاطا للشرط. (عدم الضرر وتساوي
المالين) (2). الثاني: قال الشيخ الأنصاري رحمه الله شارحا لأستدلال شيخ الطائفة
رحمه الله على هذه القاعدة في ثبوت الضمان بالنسبة إلى البيع والأجارة الفاسدين:
ثم إنه لا يبعد أن يكون مراد الشيخ ومن تبعه من الاستدلال على الضمان بالأقدام
والدخول عليه بيان أن العين والمنفعة اللذين تسلمهما الشخص لم يتسلمهما مجانا
وتبرعا حتى لا يقتضي إحترامهما بتداركهما بالعوض (3). الثالث: قال المحقق صاحب
الجواهر رحمه الله: إذا لم يسمع العامل إلا إحدى الجعالتين... مع فرض إقتضاء
الثانية فسخ الأولى - وقلنا بعدم إعتبار العلم - يتجه الرجوع إلى أجرة المثل.
وربما أشكل بأنه أقدم على المسمى فيستحقه دون أجرة المثل. وفيه أن الأقدام على
المسمى بعد فرض إنفساخ العقد المقتضي لأستحقاقه (المسمى) لا يقتضي (الأقدام)
إستحقاقه (العامل) إياه (المسمى)، ولا غرور بعد أن أقدم على عقد جائز للمالك فسخه
في كل وقت (4).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق