قاعدة
الاشتراك المعنى:
المقصود من الاشتراك هنا مشاركة المسلمين في الأحكام الشرعية، فيكون
معنى القاعدة اشتراك جميع المكلفين في التكليف، وتفيد أن الأحكام لا تختص بجماعة
دون جماعة بل تعم الحاضرين والغائبين والعالمين والجاهلين أجمعين. المدرك: يمكن
الاستدلال على اعتبار القاعدة بامور على ما يلي: 1 - الروايات: منها الخبر
المشهور: (حكمي على الواحد حكمي على الجماعة). دل على أن الحكم الشرعي لا يختص
بفرد خاص بل يشمل الجميع فيشترك كل المكلفين في الحكم. ومنها صحيحة زرارة عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: (حلال محمد صلى الله عليه وآله حلال أبدا إلى يوم
القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة (1). دلت على أن الحكم (الحلال
والحرام) لا يختص بقوم في عصر خاص بل يشمل جميع الطبقات، في مختلف الأعصار. 2 -
الأدلة الأولية: إن الأدلة التي تبين الحكم تكون على قسمين:
(1) اصول الكافي: ج 1 ص 58
كتاب فضل العلم حديث 19.
(الأول) الأنشاء العام
بنحو القضية الحقيقية: كقوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا
(1). هذا القسم بظهوره يشمل الجميع، لأن مفاده تحقق الحكم في فرض تحقق الموضوع بلا
فرق بين الحاضر والغائب. (الثاني): الخطابات الشفاهية: مثل قوله تعالى: اقيموا
الصلاة وغيره، هذا القسم بالاسلوب الأولى منصرف إلى الحاضرين ولكن قرر في الاصول
عدم اختصاصه بالحضور، كما قال المحقق صاحب الكفاية: ضرورة وضوح عدم اختصاص الحكم
في مثل (يا أيها الناس اتقوا، ويا أيها المؤمنون) بمن حضر مجلس الخطاب بلا شبهة ولا
ارتياب، ويشهد لما ذكرنا صحة النداء بالأدوات مع إرادة العموم من العام الواقع
تلوها بلا عناية (2). ولا يخفى أن الأشكال إنما هو على القول بأن الخطاب يتوجه إلى
المكلفين الحاضرين، وأما إذا قلنا بان الخطاب موجه إلى النبي صلى الله عليه وآله
فلا مجال للاشكال، كما قال: وأما إذا قيل بأنه (النبي صلى الله عليه وآله) المخاطب
والموجه إليه الكلام حقيقة وحيا أو إلهاما فلا محيص إلا عن كون الأداة في مثله
(أيها الناس) للخطاب الأيقاعي ولو مجازا، وعليه لا مجال لتوهم اختصاص الحكم
المتكفل له الخطاب بالحاضرين بل يعم المعدومين فضلا عن الغائبين (3). 3 - الأصل:
وهو الاستصحاب بمعنى أن الأحكام الثابتة لجماعة من المسلمين في صدر الأسلام يستصحب
بقاؤها في الأزمنة المتأخرة للجميع ويتم أركان الاستصحاب، كما قال المحقق صاحب
الكفاية: لا فرق بين أن يكون المتيقن من أحكام هذه الشريعة أو الشريعة السابقة إذا
شك في بقائه وارتفاعه بنسخه في هذه الشريعة، لعموم أدلة الاستصحاب (1). ومن
المعلوم أن الاستصحاب إذا كان تاما في أحكام الشريعة السابقة يكون تاما -
بالأولوية - في
(1) آل عمران. (2) كفاية
الاصول: ج 1 ص 358. (3) كفاية الاصول: ج 1 ص 359. (4) كفاية الاصول: ج 2 ص 323.
الشريعة
المقدسة الأسلامية، لاحتمال تعدد الموضوع في تلك الشريعة وعدمه في شريعتنا. 4 -
الضرورة: إن ذكر الدليل على إعتبار قاعدة الأشتراك كان من باب العمل بسيرة
المحققين وإلا هذه القاعدة لا تحتاج إلى الأستدلال، لأنها من ضروريات الفقه ولا
يكون فيها أية شبهة وأدنى ريب عند المسلمين، كما قال سيدنا الاستاذ في تقريراته:
الايات والروايات الكثيرة (دالة) على اشتراك الأحكام الواقعية بين العالم والجاهل
وإن شئت فعبر (عنها) بقاعدة الاشتراك فإنها من ضروريات المذهب (1). فرعان الأول:
يجب القضاء على من فاتته الصلاة عمدا أو جهلا، وذلك على أساس القاعدة. كما قال
سيدنا الاستاذ: يجب قضاء الصلاة اليومية التي فاتت في وقتها عمدا أو سهوا أو جهلا
لأجل النوم المستوعب للوقت، أو لغير ذلك وكذا إذا أتى بها فاسدة لفقد جزء أو شرط
يوجب فقده البطلان (2). الثاني: هل يجب على الولي (الولد الاكبر) قضاء صوم المرأة
متناسقا لقضاء صوم الرجل أم لا؟ قال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله الأقوى هو ثبوت
القضاء: وفاقا لظاهر المعظم، بل نسب الى الأصحاب، لقاعدة الاشتراك (3).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق