قاعدة
الأمكان المعنى:
المراد من الامكان هنا هو الأمكان بالنسبة إلى دم الحيض، فإذا إنطبق
الدم الخارج من النساء على الحيض ولم يلزم محذور من التطبيق عليه كان ذلك موردا
لقاعدة الأمكان. كما قال العلامة رحمه الله: كل دم يمكن أن يكون حيضا فهو حيض (1).
وعلى هذا الأساس إذا رأت المرأة دما لا تعلم أنه أي نوع من الدماء، فإذا لم يكن
مانع من حمل ذلك الدم على الحيض (بأن لا يكون أكثر من عشرة أيام وأقل من ثلاثة
أيام مثلا) يحمل على الدم الحيض. ونتيجة هذه القاعدة هي أن المرجع عند الشك في
خصوصية الدماء الثلاثة هي إصالة الحيض. المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة
بما يلي: 1 - التسالم: قد تحقق التسالم على مدلول القاعدة فلا خلاف فيه بينهم
والأمر متسالم عليه عندهم. كما قال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله: (ما تراه)
المرأة من الدم (من الثلاثة إلى العشرة مما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض)
(1) ايضاح الفوائد: ج 1 ص 51.
إجماعا،
كما في المعتبر والمنتهى مع التعليل فيهما - بعد الاجماع - بأنه زمان يمكن أن يكون
حيضا فيكون حيضا ويستفاد منه قاعدة وهي: أن كل دم تراه المرأة وكان يمكن أن يكون
حيضا فهو حيض... بل قد يظهر من بعضهم دعوى الاجماع عليها كما هو عند المعاصرين من
القطعيات التي لا تقبل الشك والتشكيك (1). قال السيد صاحب العناوين رحمه الله في
إعداد المدارك: الأجماع المحصل، فإنه لا يخفى على من راجع كلام الأصحاب في الفقه،
أنهم يستندون في المشكوكات الى هذا الأصل من دون نكير (2). 2 - الأصل: قد يستدل
على اعتبار القاعدة بالأصل المعروف، وهي عبارة عن أصالة السلامة. بمعنى أن مقتضى
السلامة الطبيعية كون الدم من الحيض، ويكون غير الحيض على خلاف السلامة الجسمية.
قال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله: أصالة الحيض في دم النساء بمعنى الغالب إذ هو
الدم الطبيعي المخلوق فيهن لتغذية الولد وتربيته بخلاف الاستحاضة وغيرها فإنه لافة
(3). والتحقيق: أنه لا أساس لهذا الأصل. كما قال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله:
فبعد تسليمه وتسليم اعتباره شرعا مداره حصول الظن بذلك للغلبة، وتحققه في جميع صور
هذه القاعدة ممنوع، كما في المبتدأة إذا رأت الدم بصفات الأستحاضة، وكذلك المعتادة
إذا رأته متقدما على عادتها بكثير (4). 3 - الروايات: العمدة في إرائة المدرك هي
الروايات المستفيضة في الباب. منها صحيحة محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن المرأة ترى الصفرة في أيامها، فقال عليه السلام: (لا تصلي حتى
تنقضي أيامها) (5). فهذه الصحيحة
(1) جواهر الكلام: ج 3 ص 164.
(2) العناوين: ج 1 ص 491. (3) و (4) جواهر الكلام: ج 3 ص 169. (5) الوسائل: ج 2 ص
540 باب 4 من أبواب الحيض ح 1.
دلت
على حمل الدم الذي يشك في كونه من الحيض على الحيض وهذا هو مدلول القاعدة. فالمرجع
عند الشك في نوعية الدم الخارج من النساء هي أصالة الحيض. فروع الأول: إذا كانت
المرأة مستدامة الدم لا مجال للتمسك بقاعدة الأمكان وذلك للروايات الخاصة التي
تبين الوظيفة للمستدامة. الثاني: قال السيد الحكيم رحمه الله: يكفي في احراز
الأمكان الأصل الجاري لاثبات الشرط أو عدم المانع كما إذا شكت في اليأس ورأت الدم،
فأن أصالة عدم اليأس كافية في إحراز الأمكان بلحاظ شرطية عدم اليأس فتجري قاعدة
الأمكان في الدم المرئي حينئذ (1). الثالث: قال المحقق صاحب الكفاية رحمه الله أن
ترك الصلاة في أيام الاستظهار لا يكون تغليبا لجانب الحرمة: لأن حرمة الصلاة فيها
(الأيام) إنما تكون، لقاعدة الأمكان والاستصحاب المثبتين لكون الدم حيضا (2).
الرابع: قال السيد صاحب العناوين رحمه الله: بعد القطع بعدم الحيضية إذا شك في كون
الدم استحاضة، أو غيره من دم القرحة وغيرها فالظاهر البناء على أنه استحاضة، وهذا
أيضا كقاعدة الامكان وارد على أصل الطهارة (3).
(1) مستمسك العروة: ج 3 ص
242. (2) كفاية الاصول: ج 1 ص 281. (3) العناوين: ج 1 ص 522.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق