الاثنين، 9 نوفمبر 2015

قاعدة التحجير المعنى:


قاعدة التحجير المعنى:

معنى القاعدة بحسب اللغة عبارة عن تجميع الأحجار من الأراضي تجاه الزرع، واما بحسب الاصطلاح الفقهي عبارة عن العمل الذي يتحقق في سبيل الوصول الى النتيجة، وبكلمة واحدة: الأستهداف العملي، كتسوية الأراضي لاجل الاحياء، وحفر الابار والمعادن والركائز، لاستخراج الماء والجواهر المعدنية وما شاكلها. كما قال شيخ الطائفة رحمه الله: والتحجير أن يؤثر فيها أثرا لم يبلغ به حد الاحياء، مثل أن ينصب فيها المروز أو يحوط عليها حائطا وما أشبه ذلك من آثار الاحياء، فانه يكون أحق بها من غيره (1). وقال الفقيه صاحب الوسيلة رحمه الله: والتحجير تأثير في الموات دون الاحياء، وهو على ثلاثة أوجه: تحجير لاحياء الأرض، أو لاستخراج المعدن، أو لاستنباط العيون والقنى، أو لاجراء الماء من النهر الكبير الى الصغير فإن أتم فهو إحياء، وإن أثر أثرا فهو تحجير، والمؤثر لولاية (يوجب حق الاولوية) فإن إستولى عليه غيره لم تملك وإن احيا (1). فالتحجير قاعدة فقهية كقاعدة الحيازة وقاعدة الأحياء، وتوجب حق الأولية للمحجر.

(1) المبسوط: ج 3 ص 273. (2) الجوامع الفقهية: الوسيلة، ص 682.

المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي: 1 - الروايات الواردة في باب إحياء الأراضي. منها صحاح ثلاثة، من محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: أيما قوم أحيوا شيئا أو عملوه (أو عمروها) فهم أحق بها وهي لهم (1). دلت هذه الروايات على مشروعية الأحياء كما نتمسك بها هناك. ولكن يمكننا استفادة المشروعية للتحجير من تلك الروايات أيضا وذلك، لأن الروايات صرحت بطرح الموضوعين، 1 - الأحياء، (أحيوا)، 2 - العمل والتعمير (عملوه في الصحيحة الاولى، وعمروها في الاخيرتين)، والعطف بكلمة (أو عملوه) يفيد الاستقلال في الموضوعية، وبما أن العمل في مقابل الاحياء لا يكون أزيد من الاحياء فلاجرم من أن يكون العمل هناك أقل من الاحياء وهو التحجير. وفي ضوء هذا البيان يمكننا أن نقول بان الروايات بعد ما صرحت بطرح الموضوعين افادت حكمهما: 1 - تواجد الحق (فهو أحق بها) نتيجة للتحجير 2 - الملكية (وهي لهم) نتيجة للأحياء. وها هو أجود الأستنباطات وأوسعها من تلك الروايات. وقد يستدل على اعتبار القاعدة بالنبوي المشهور: من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو أحق به (2). فإن دلالته على المطلوب تامة، ولكن بما أن الحديث مرسل، لا يستفاد منه إلا تأييدا للمطلوب. 2 - التسالم: قد تحقق التسالم بين الفقهاء على مدلول القاعدة فلا خلاف فيه بينهم والأمر متسالم عليه عندهم. كما قال العلامة رحمه الله: التحجير يفيد الأولوية (3). وقال المحقق الحلي رحمه الله: التحجير يفيد الأولوية (4). وقال المحقق صاحب الجواهر في أن الحكم يكون ذلك: بلا خلاف، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه.

(1) الوسائل: ج 17 ص 326 ح 1 و 3 و 4 باب 1 من ابواب إحياء الموات. (2) مستدرك الوسائل: ج 3 ص 149 ح 4. (3) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 411. (4) شرائع الأسلام: ج 3 ص 274.
وقال بعد النقض والابرام: فالانصاف أن العمدة الأجماع المزبور (1). أضف الى ذلك ما يقول به العلامة رحمه الله: والمشهور أنه (التحجير) يفيد الأولوية، لأن الاحياء إذا أفاد الملك، وجب أن يفيد الشروع فيه الاحقية (2). ويؤيده (التوجيه) ما ورد في خبر زرارة بالنسبة الى صحة الاحياء عن أهل الذمة، قال قال عليه السلام: لا بأس بأن يشترى أرض أهل الذمة، إذا عملوها وأحيوها فهي لهم (3). صرحت الرواية أن العمل تجاه الأحياء (التحجير) ثم إحياء الأرض يوجبان الملكية لأهل الذمة. فرعان الأول: قال المحقق الحلي رحمه الله: ولو إقتصر على التحجير وأهمل العمارة، أجبر الامام على أحد الأمرين، إما الأحياء وإما التخلية، بينها وبين غيره، ولو امتنع أخرجها (الحاكم) من يده، لئلا يعطلها (4). الثاني: قال سيدنا الاستاذ: يعتبر في كون التحجير مانعا، تمكن المحجر من القيام بعمارته وإحيائه، فإن لم يتمكن من إحياء ما حجره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الاسباب المتوقف عليها الاحياء جاز لغيره إحياؤه (5).

(1) جواهر الكلام: ج 38 ص 56 و 57. (2) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 410. (3) الوسائل: ج 12 ص 274 باب 21 من أبواب عقد البيع ح 2. (4) شرائع الأسلام: ج 3 ص 275. (5) منهاج الصالحين: ج 2 ص 164

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق