الأحد، 8 نوفمبر 2015

قاعدة الأحسان المعنى: المراد من الأحسان هنا هو العمل بقصد المساعدة للمسلم، ولو لم ينته الى جلب المنفعة أو دفع المفسدة في الواقع كما إذا أراد شخص إطفاء النار من دار مسلم فهدم حائط داره للمساعدة

 قاعدة الأحسان المعنى

المراد من الأحسان هنا هو العمل بقصد المساعدة للمسلم، ولو لم ينته الى جلب المنفعة أو دفع المفسدة في الواقع كما إذا أراد شخص إطفاء النار من دار مسلم فهدم حائط داره للمساعدة سواء تحقق الأطفاء أو لم يتحقق كانت تلك المساعدة من الأحسان المقصود من القاعدة، ويكون مفادها عدم الضمان والمؤاخذة على المحسنين الذين يسعون للأحسان إلى الاخرين. وكيف كان إذا اتفق في مقام الأحسان إتلاف مال الغير فلا بأس به، كما إذا أراد أحد حفظ نفس الحيوان الجائع في غياب صاحبه وعلفه فصار سببا لتلفه من باب الاتفاق، فلا ضمان على هذا المحسن. المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي: 1 - الاية: قوله تعالى ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل (1). فهذه الاية وإن نزلت في مورد الضعفاء والعجزة عن الجهاد، إلا أن

(1) التوبة: 91.
المورد لا يصلح أن يكون مخصصا وعموم الذيل (ما على المحسنين من سبيل) يدل على نفي السبيل عن كل من أحسن إلى غيره، فيستفاد من إطلاق الاية عدم المؤاخذة والضمان على العمل الصادر إحسانا. وقوله تعالى: هل جزاء الأحسان إلا الأحسان (1). فتدل هذه الاية على نفي التعدي والأساءة تجاه العون والأحسان، وبالأولوية تدل على نفي الضمان. 2 - التسالم: قد تحقق التسالم على مدلول القاعدة بين الفقهاء، ولم نجد أحدا يخالف مفادها فالأمر متسالم عليه. ولا يخفى أن قدر المتيقن والمستفاد من موارد القاعدة إنما هو عدم الضمان على التالف (مقدمة للأحسان) الذي لم يكن أهما من التالف له (ذي المقدمة) وإلا لا يعد إحسانا. 3 - بناء العقلاء: قد استقر بناء العقلاء على أن الأحسان لا يناسب الأساءة (المؤاخذة والضمان وغيرها)، ولا ريب في توافق العقلاء على قبح مؤاخذة من هو بصدد الأحسان، وبما أن ذلك البناء العقلائي لم يرد عنه الردع من الشريعة المقدسة يصلح أن يكون مدركا متينا للقاعدة، فعلى ضوء هذه الأدلة أصبحت القاعدة مسلمة عند الفقهاء، ويكون مدلول القاعدة مستند الحكم عندهم، كما قال الشهيد رحمه الله تعليلا على عدم ضمان الوكيل عند الأختلاف مع الموكل في رد المال وتلفه: فلأنه أمين وقد قبض المال لمصلحة المالك وكان محسنا محضا كالودعي (2). فروع الأول: قال العلامة الاصفهاني رحمه الله: فإن إمساك مال (الغير) لحفظه إلى أن

(1) الرحمن: 60. (2) اللمعة الدمشقية: ج 4 كتاب الوكالة ص 386.
يطلبه صاحبه إحسان إليه وما على المحسنين من سبيل (1). فلا يكون على الممسك ضمان ولا يجب عليه رد المال إلى مالكه فورا. الثاني: قال المحقق الحلي رحمه الله: ولو حفر في الطريق المسلوك لمصلحة المسلمين، قيل: لا يضمن، لأن الحفر لذلك سائغ وهو حسن (2). وقال المحقق صاحب الجواهر وذلك: لقاعدة الاحسان (3). الثالث: إذا إتجر البالغ العاقل في مال الاطفال وتحقق الخسران، لا يكون على المتجر، وذلك على أساس القاعدة، وتوهم الخسران على المتجر لهم بلا مبرر كما قال المحقق صاحب الجواهر: أنه لا مجال للقول به والخروج عن قاعدة الاحسان (4). الرابع: قال المحقق الحلي: من به سلعة (الغدة)، إذا أمر بقطعها فمات، فلا دية له على القاطع (5). قال المحقق صاحب الجواهر وذلك: للأصل وللأحسان (6). تتمة: قد تبين مما أسلفنا أن موضوع الحكم في القاعدة هو العمل الذي صدر بقصد الاحسان، وعليه إذا تواجد الاحسان نتيجة للاعتداء كان خارجا عن موضوع القاعدة، كما إذا تحقق إطفاء الحريق من الدار بواسطة هدم الجدار عدوانا. فلا يكون عندئذ إحسان موضوعا وحكما.

(1) حاشية المكاسب: ج 1 ص 86. (2) شرائع الأسلام: ج 4 ص 254. (3) جواهر الكلام: ج 43 ص 102. (4) جواهر الكلام: ج 41 ص 670. (5) شرائع الاسلام: ج 4 ص 192. (6) جواهر الكلام: ج 15 ص 18

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق