الاثنين، 9 نوفمبر 2015

قاعدة التعيين المعنى:


قاعدة التعيين المعنى:

 معنى القاعدة هو أنه إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في الوظيفة كان الأصل هو التعيين فيؤخذ بالمتعين، وها هو موجز المعنى، وأما التفصيل فهو بما يلي: قال سيدنا الاستاذ: أن مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: ما إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في مقام جعل الحجية وانشائها في مرحلة التشريع والاعتبار، كما لو شككنا في أن حجية فتوى الأعلم هل هي تعيينية أو أن المكلف مخير بين الأخذ به والأخذ بفتوى غير الأعلم. الثاني: ما إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في مقام الامتثال والفعلية من جهة التزاحم. الثالث: ما إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في مقام الجعل والتشريع فلا يعلم أن التكليف مجعول للجامع بلا أخذ خصوصية فيه أو مجعول لحصة خاصة منه كما لو شككنا في أن وجوب صلاة الجمعة في يوم الجمعة هل هو تعييني أو تخييري (1). * (هامش) (1) محاضرات: ج 3 ص 275.
المدرك: قال المحقق النائيني رحمه الله: أن الأصل في جميع الأقسام هو التعيين. واليك نص البيان: إذا علم وجوب شئ في الجملة ودار الأمر بين تعيينيته وتخييريته كما هو محل الكلام فلا مناص فيه عن الرجوع إلى قاعدة الاشتغال والحكم بالتعيينية عملا، إذ الواجب التعييني غير محتاج في عالم الثبوت إلا إلى قيد عدمي بأن لا يكون له عدل في مرحلة الطلب، كما أنه في عالم الأثبات كذلك بل إثبات التعيينية في عالم الأثبات بعدم التقييد بمثل العطف بكلمة أو إنما هو لكشفه عن العدم في عالم الثبوت، فإذا كان أصل الوجوب معلوما وشك في تخييريته من جهة إحتمال تقييده بوجود العدل له فلا محالة يحكم بالتعيينية بمقتضى ضم الوجدان إلى الأصل، لعدم ثبوت التقييد مع حكم العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكليف الثابت يقينا (1). والتحقيق: أن الأصل في القسمين الأولين هو التعيين وفي القسم الثالث يرجع إلى البراءة عن التعيين كما قال سيدنا الاستاذ: فهاهنا دعويان: الاولى: عدم جريان أصالة البراءة في القسمين الأولين. الثانية: جريان البراءة في القسم الأخير. أما الدعوى الاولى: فقد ذكرنا غير مرة أن الشك في حجية شئ في مقام الجعل والتشريع مساوق للقطع بعدم حجيته فعلا، ضرورة أنه مع هذا الشك لا يمكن ترتيب آثار الحجة عليه وهي إسناد مؤداه إلى الشارع والاستناد إليه في مقام الجعل، للقطع بعدم جواز ذلك لأنه تشريع محرم. (كحجية فتوى الأعلم لعدم الشك فيها فعلا إما تعيينا أو تخييرا بخلاف فتوى غير الأعلم) وكذا الحال في مقام الأمتثال فانه إذا دار الأمر بين إمتثال شئ تعيينا أو تخييرا فلا مناص من التعيين والأخذ بالطرف المحتمل تعيينه، ضرورة أن الاتيان به يوجب القطع بالأمن من العقاب واليقين بالبراءة (2). وذلك لأن محتمل التعيين هو الوظيفة قطعا إما تعيينا أو

(1) أجود التقريرات: ج 2 ص 215. (2) محاضرات: ج 3 ص 276.

تخييرا بخلاف العدل فهو لا يوجب القطع بالامتثال، لاحتمال عدم كونه وظيفة في الواقع فالأصل هو التعيين في مقام الامتثال على أساس أن الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية. وأما القسم الثالث (مقام الجعل) فيجري البراءة عن التقييد بالتعيين ونتيجته التخيير. وأما الدعوى الثانية: (وهي جريان البراءة في القسم الأخير) فلأن الشك فيه يرجع إلى الشك في كيفية جعل التكليف وأنه تعلق بالجامع أو بخصوص فرد خاص كما لو شككنا في أن وجوب كفارة الأفطار العمدي في شهر رمضان متعلق بالجامع بين صوم شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا أو متعلق بخصوص صوم شهرين، وحيث أن مرجع ذلك إلى الشك في إطلاق التكليف وعدم أخذ خصوصية في متعلقه وتقييده بأخذ خصوصية فيه... (ف‍) - التقييد بما أن فيه كلفة زائدة فهي مدفوعة بأصالة البراءة عقلا ونقلا، وهذا بخلاف الأطلاق حيث إنه ليس فيه أية كلفة لتدفع بأصالة البراءة (1). والأمر كما أفاده. فرعان الأول: لو كان رجلان عارفين بالمسائل الشرعية تقليدا، وكان أحدهما أعرف من الاخر، فهل يكون للجاهل بالمسألة التخيير بالرجوع إلى إيهما شاء أو لا، بل المتعين هو الرجوع إلى الأعرف؟ التحقيق: هو التعيين على أساس القاعدة، فالأحوط الرجوع إلى الأعلم منهما إذا كانت المسألة من المسائل الهامة. الثاني: إذا كان الأمامان لصلاة الجماعة متساويين فقها وعدلا، ولكن كان أحدهما هاشميا، فإذا هل يكون وظيفة المأموم الأئتمام بايهما شاء على نحو التخيير، أو تكون الوظيفة هو الأقتداء بالهاشمي تعيينا؟ قال المحقق الحلي رحمه لله: الهاشمي أولى من غيره إذا كان بشرائط الأمة (2).


(1) محاضرات: ج 3 ص 278. (2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 125.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق