الأحد، 8 نوفمبر 2015

قاعدة احترام مال المسلم وعمله المعنى: أن المقصود من إحترام مال المسلم هنا هو المصونية عن التصرف المجاني فيه والتعدي عليه، بمعنى أن مال المسلم محترم لا يجوز الأعتداء والتجاوز عليه،

قاعدة احترام مال المسلم 
 وعمله المعنى:

أن المقصود من إحترام مال المسلم هنا هو المصونية عن التصرف المجاني فيه والتعدي عليه، بمعنى أن مال المسلم محترم لا يجوز الأعتداء والتجاوز عليه، وكذلك كان عمل العامل المسلم محترما ومأجورا فليؤد اجرته. قال الشيخ الانصاري رحمه الله في مقام بيان أن المنافع مضمونة في الأجارة الفاسدة: فكل عمل وقع من عامل لأحد بحيث يقع بأمره وتحصيلا لغرضه فلا بد من إداء عوضه لقاعدتي الأحترام والضرر (1). المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي: 1 - الروايات: إن الروايات الواردة في مختلف الأبواب بالنسبة إلى عدم جواز التصرف في مال المسلم وأنه لا يحل مال إمرئ مسلم إلا بطيبة نفسه كثيرة جدا ويستفاد من إطلاقها الأعتبار للقاعدة ونستعرضها خلال المناسبات إن شاء الله، ونكتفي هاهنا بذكر رواية واحدة تكون صريحة الدلالة على القاعدة، وهي موثقة أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الرسول صلى الله عليه وآله: (سباب المؤمن فسوق (1) المكاسب: البيع، ص 103.
- إلى أن قال -: وحرمة ماله كحرمة دمه) (1). فهذه الصحيحة دلت على أن مال المسلم محترم، وبالتشبية بينه وبين دم المسلم ترشدنا إلى غاية الأهتمام بذلك، إذ الدماء من الامور الهامة في الفقه. وأشار إلى ذلك العلامة الاصفهاني رحمه الله بقوله: قاعدة الأحترام مأخوذة من قوله وحرمة ماله كحرمة دمه (2). وقال في موضع آخر في مقام تقريب القاعدة: أما قاعدة الاحترام فتارة يستند فيها إلى قوله عليه السلام: لا يحل مال إمرئ مسلم إلا عن طيب نفسه. واخرى يستند إلى قوله عليه السلام: (وحرمة ماله كحرمة دمه)، إما بدعوى أن إحترام المال بعدم مزاحمة مالكه حدوثا وبقاء، وعدم تداركه بعد تلفه مزاحمة بقاء كما عن بعض أجلة العصر، وإما بتقريب أن للمال حيثيتين: حيثية إضافته إلى مالكه المسلم: وهذه الحيثية تقتضي رعاية مالكه بعدم التصرف في المضاف إليه بدون إذنه. وحيثية نفسه: وهذه الحيثية تقتضي أن لا يذهب المال هدرا فعدم تداركه وجعله كالعدم مناف لاحترامه (3). 2 - التسالم: قد تحقق التسالم بين الفقهاء على مدلول القاعدة (حرمة مال المسلم) ولا خلاف بينهم بالنسبة إليه. 3 - سيرة المتشرعة: قد استقرت السيرة عند المتشرعة على إحترام مال المسلم وعدم التعدي والتصرف فيه بدون إذن مالكه، وإذا تحقق التعدي يصبح المتصرف المتعدي مذموما عندهم. ولا يخفى أن هذه القاعدة تمتاز عن قاعدة الأتلاف بوجهين: الأول: أن قاعدة الأحترام تتكفل بيان حرمة مال المسلم في حد ذاته وتكون نتيجتها أداء العوض فتفيد الحرمة بالاصالة وتفيد تدارك العوض بالتبع بخلاف

(1) اصول الكافي: ج 2 ص 268 باب سباب المؤمن حديث 2. (2) حاشية المكاسب: ج 1 ص 87. (3) حاشية المكاسب: ج 1 ص 188.
قاعدة الأتلاف فإنها لا تفيد إلا الضمان بالقيمة أو المثل. الثاني: أن قاعدة الأحترام تفيد عدم جواز التصرف في مال الغير تكليفا، وأما قاعدة الأتلاف تفيد الحكم الوضعي (الضمان) فقط، كما قال سيدنا الاستاذ: أن المراد من كلمة الحرمة في قوله: حرمة ماله كحرمة دمه، هو مقابل الحل فيكون راجعا إلى الحكم التكليفي (1). وبعبارة اخرى يكون مفاد قاعدة الأحترام: بيان الوظيفة قبل التصرف. ومفاد قاعدة الأتلاف: بيان الوظيفة بعد التصرف في مال الغير، كما قال العلامة الاصفهاني رحمه الله: أن الظاهر أن إحترام المال ليس لحيثية ماليته القائمة بذات المال المقتضية لتداركه وعدم ذهابه هدرا بل لحيثية إضافته باضافة الملكية إلى المسلم نظرا إلى أن الحكم المترتب على المتحيث بحيثية ظاهره كون الحيثية تقييدية لا تعليلية، فيكون الأحترام بلحاظ رعاية مالكية المسلم وسلطانه على ذات المال، ورعاية مالكيته وسلطانه لا يقتضي إلا عدم التصرف فيه بدون رضاه لا تدارك ماليته فإنه راجع الى حيثية ماليته لا حيثية ملكيته للمسلم، ولذا لا يكون التسليط على المال مجانا هتكا لحرمة المال (2). أضف إلى ذلك أن قاعدة الأحترام تكون أوسع نطاقا بالنسبة الى قاعدة الأتلاف، وذلك لأن مدى قاعدة الأحترام هو المال والعمل. بينما نطاق قاعدة الأتلاف هو المال فحسب. فروع الأول: إذا أمر أحد لعامل باتيان عمل ذي اجرة فعمله بدون قصد المجانية كان الامر ضامنا للاجرة وذلك لقاعدة الأحترام، كما قال سيدنا الاستاذ: وقد استدل له (الفرع المذكور) بقاعدة الأحترام وأن حرمة مال المسلم كحرمة دمه فلا يذهب هدرا - إلى أن قال: - فإن معنى الأحترام عدم كون مال المسلم بمثابة

(1) مصباح الفقاهة: ج 3 ص 91. (2) حاشية المكاسب: ج 1 ص 80.
المباحات الأصلية بحيث لا حرمة لها ويسوغ لأي أحد أن يستولي عليها ويستوفيها عن قهر وجبر، وأنه لو أجبره على عمل استحق المجبور بدله ولزمه الخروج عن عهدته (1). الثاني: قال المحقق صاحب الجواهر في استئجار الحج: لو فرض وقوع المقدمات خاصة (ولم يتم المناسك) فقد يتجه استحقاق اجرة المثل فيها، لأصالة احترام عمل المسلم الذي لم يقصد التبرع (2). الثالث: إذا بطلت المضاربة يستحق العامل اجرة عمله إلا أن يثبت التبرع، وقال السيد اليزدي رحمه الله: ومع الشك فيه (التبرع) وفي إرادة الاجرة يستحق الاجرة أيضا لقاعدة إحترام عمل المسلم (3).


) (1) مستند العروة: كتاب الأجارة ص 391. (2) الجواهر: ج 17 ص 370. (3) العروة الوثقى: ص 527.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق