قاعدة
البينة على المدعي واليمين على من أنكر المعنى:
المراد من القاعدة هو إعطاء الضابط الأساسي
للمحاكمة بين المتخاصمين، وسميت بهذا الاسم، لأن الطرفين عند التخاصم على الأغلب
عبارة عن المدعي (من يدعي شيئا على الاخر) والمنكر (من أنكر ادعاء الطرف)، فإذا
تحقق الترافع بينهما فللحاكم الشرعي أن يطالب من المدعي إثبات ما ادعاه بواسطة
إحضار الشهود (البينة)، وللحاكم أيضا أن يطالب من المنكر الحلف بعد عدم اثبات
الدعوى من قبل المدعي، ومحصلها: إقامة البينة على من إدعى شيئا من الأموال والحقوق
على الاخر عند المحاكمة، والحلف على من أنكر إدعاء المدعي. ولا يخفى أن المراد من
المدعي والمنكر هو المعنى اللغوي وليس لهما معنى شرعي خاص بنحو الحقيقة الشرعية.
المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي: 1 - الروايات: وهي النصوص
الواردة في باب القضاء وعدتها كثيرة جدا. منها: النبوي المشهور بين الفريقين
(البينة على المدعي واليمين على من
أنكر)
(1). فهذه العبارة هي القاعدة نفسها. ومنها صحيحة هشام عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: البينة على من إدعى واليمين على
من ادعي عليه) (2). وهي تدل على أن البينة تكون على المدعي واليمين على المنكر في
مقام المحاكمة. 2 - التسالم: قد تحقق التسالم على مدلول القاعدة ولا خلاف فيه بين
الفريقين فالأمر متسالم عليه عند الجميع. قد يقال بورود التخصيص بالنسبة إلى مدلول
القاعدة في موارد متعددة مثل سماع قول المدعي بلا معارض، وقول ذي اليد، وإدعاء
الأمين تلف الأمانة، وغيرها. والتحقيق: أن هذه الموارد جميعها من باب التخصص لا
التخصيص، لأن في بعض هذه الموارد ليس الحكم من باب المحاكمة، وفي بعض الاخر كان
الأمر مقرونا بالحجة، كما قال المحقق العراقي رحمه الله: أن ظاهر كلماتهم سماع
الدعوى في كثير من المقامات بيمينه والظاهر أن ذلك ليس من جهة سماع اليمين من
المدعي كي يستلزم تخصيص أدلة الوظائف بل عمدة الوجه أن سماع قول المدعي في هذه المقامات
بعد ما كان في نفسه حجة، فصارت دعواه مقرونة بالحجة نظير دعوى ذي اليد (3). ولا
يخفى أن الأمر على هذا النمط في غير مسألة الدماء. فروع الأول: قال الأمام الخميني
رحمه الله: ليس للحاكم إحلاف المنكر إلا بالتماس المدعي وليس للمنكر التبرع بالحلف
قبل إلتماسه فلو تبرع هو أو لم يأذن الحاكم
(1) المستدرك: كتاب القضاء.
(2) الوسائل: ج 18 ص 170 باب 3 من أبواب كيفية الحكم ح 1. (3) كتاب القضاء: ص 86.
لم
يعتد بتلك اليمين، ولا بد من الاعادة بعد السؤال وكذا ليس للمدعي إحلافه بدون إذن
الحاكم، فلو أحلفه لم يعتد به. الثاني: قال الأمام الخميني رحمه الله: لو لم يكن
للمدعي بينة واستحلف المنكر فحلف سقطت دعوى المدعي في ظاهر الشرع فليس له بعد
الحلف مطالبة حقه، ولا مقاصة، ولا رفع الدعوى إلى الحاكم، ولا تسمع دعواه (1).
الثالث: قال سيدنا الاستاذ: لا تثبت الدعوى في الحدود إلا بالبينة أو الاقرار، ولا
يتوجه اليمين فيها على المنكر (2).
(1) تحرير الوسيلة: ج 2 ص
549. (2) تكملة المنهاج: ص 10.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق