الاثنين، 9 نوفمبر 2015

قاعدة التساقط المعنى:


قاعدة التساقط المعنى:

معنى القاعدة هو سقوط الدليلين المتعارضين، فإذا تعارض الخبران مثلا ولم يكن مرجح بينهما ينتهي الأمر بالنتيجة إلى سقوط الطرفين من الحجية، وعليه فالتساقط فرع التعارض، والمراد به تنافي الدليلين فيما إذا لم يكن أي مرجح في البين، كما قال المحقق صاحب الكفاية رحمه الله: التعارض هو تنافي الدليلين أو الأدلة بحسب الدلالة ومقام الأثبات على وجه التناقض والتضاد حقيقة أو عرضا بأن علم بكذب أحدهما إجمالا (1). وعليه أفتى الفقهاء بأنه: إذا تعارضت البينتان في مقام القضاء تسقط كلتاهما عن الاعتبار، فلا يعتمد على بينة معارضة بمثلها في المحاكمة. المدرك: الدليل الذي هو الحجر الأساس للقاعدة كان عدم تمامية الحجة عند التعارض، وذلك لأن كل واحد من الطرفين قد تم له المقتضي للحجية سندا ودلالة، ولكن عند المعارضة يحصل المانع الذي يمنع عن الفعلية وهو تكذيب كل واحد للاخر، فلا يشمل دليل الحجة للمتضادين، ولا مجال لاختيار أحد الطرفين، لعدم الترجيح والتعيين، كما قال المحقق صاحب الكفاية: التعارض وان كان لا يوجب

(1) كفاية الاصول: ج 2 ص 376.

إلا سقوط أحد (الطرفين) المتعارضين عن الحجية رأسا حيث لا يوجب إلا العلم بكذب أحدهما فلا يكون هناك مانع عن حجية الاخر إلا أنه حيث كان بلا معين ولا عنوان واقعا فإنه لا يعلم كذبه إلا كذلك (بلا تعيين)، واحتمال كون كل منهما كاذبا لم يكن واحد منهما بحجة في خصوص مؤداه، لعدم التعيين في الحجة أصلا (1). وكيف كان فالقاعدة منقحة في الاصول واعتمد عليها الفقهاء الكبار، وعليه اشتهر في ألسن الاصوليين بأنه: إذا تعارض الدليلان تساقطا عن الحجية، كما قال سيدنا الاستاذ: الأصل في المتعارضين التساقط وعدم الحجية، أما إذا كان التعارض بين الدليلين ثبتت حجيتهما ببناء العقلاء كما في تعارض ظاهر الايتين أو ظاهر الخبرين المتواترين فواضح، إذ لم يتحقق بناء من العقلاء على العمل بظاهر كلام يعارضه ظاهر كلام آخر. وأما إن كان دليل حجية المتعارضين دليلا لفظيا كما في البينة، قال إن الاحتمالات ثلاثة: فإما أن يشمل الدليل لكلا المتعارضين أو لا يشمل شيئا منهما أو يشمل أحدهما بعينه دون الاخر، لا يمكن المصير إلى الاحتمال الأول، لعدم إمكان التعبد بالمتعارضين فان التعبد بهما يرجع الى التعبد بالمتناقضين وهو غير معقول، وكذا لأحتمال الأخير، لبطلان الترجيح بلا مرجح، فالمتعين هو احتمال الثاني (2). فرعان الأول: قال السيد اليزدي رحمه الله: إذا تعارض البينتان فالأقوى سقوطهما. وقال السيد الحكيم: إن الأمر يكون كذلك، لأصالة التساقط في الأمارات المتعارضة (3) (1) كفاية الاصول: ج 2 ص 385. (2) مصباح الاصول: ج 3 ص 366. (3) مستمسك العروة: ج 8 ص 18.

الثاني: قال سيدنا الاستاد: مقتضى القاعدة في التعارض هو التساقط والرجوع الى عام فوقهما، ومع عدمه يرجع إلى الأصل العملي، ولا ينحصر التعارض بخصوص الخبرين، بل يمكن وقوعه بين ظاهري الكتاب، ويرجع فيه بعد التساقط الى الأصل العملي بلا كلام ولا إشكال، بل وكذا الحال إن وقع التعارض بين الخبرين بالعموم من وجه، وكان العموم في كل منهما ناشئا من الاطلاق، فيسقط كلا الاطلاقين، لعدم جريان مقدمات الحكمة، ويرجع إلى الأصل العملي، بل وكذا الحال لو كان التعارض بين الخبرين بالتباين أو بالعموم من وجه، مع كون العموم في كل منهما بالوضع مع عدم رجحان أحدهما على الاخر بموافقة الكتاب ولا بمخالفة العامة، فان الخبرين يسقطان عن الحجية، ويرجع إلى الأصل العملي (1).


(1) مصباح الاصول: ج 2 ص 253.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق